عندما يعود الطفل من المدرسة، يعود محمّلًا بالتجارب والمواقف والمشاعر. بعضها إيجابيّ، وبعضها الآخر قد يكون مربكًا أو حتى صعبًا عليه. هنا يأتي دور الحوار اليومي مع الأهل، فهو ليس مجرّد تبادل كلامي، بل وسيلة أساسية لفهم العالم الداخلي للطفل، وبناء علاقة تقوم على الثقة والدعم.
لماذا الحوار مهمّ بعد المدرسة؟
- التفريغ العاطفي: يسمح للطفل بالتعبير عن مشاعره بدل كبتها، بخاصّة أنّ العائلة هي المكان الذي يُعطي الطفل الثقة والمنزل هو المساحة الآمنة له.
- تعزيز التواصل: يعزّز العلاقة بين الأهل والطفل ويساعدنا على ملاحظة تطوّر شخصيّة الطفل، وأفكاره وآرائه.
- فهم الصعوبات: يساعد الأهل على اكتشاف أيّ مشكلات دراسية أو اجتماعية مبكرًا. وهذا ما يساهم في التفكير لإيجاد حلول قبل تفاقم المشكلة.
- تنمية مهارات التعبير: يدرّب الطفل على سرد الأحداث والتعبير عن نفسه بوضوح. العائلة هي المساحة الأولى التي يختبر فيها الطفل العلاقات وكيفية التعامل مع الآخرين.
ماذا نسأل الطفل؟
بدل السؤال التقليدي: "كيف كان يومك؟" (الذي غالبًا ما يُجاب عليه بـ "جيّد" أو "عادي")، يمكننا تنويع الأسئلة لفتح المجال أمام الحديث:
- "ما أكثر ما أحببته اليوم؟"
- "هل حدث شيء مضحك أو غريب معك؟"
- "مع من لعبت في الاستراحة؟"
- "ما الدرس الذي استمتعت به أكثر؟"
- "هل واجهت شيئًا صعبًا اليوم؟"
- "لو أردت أن تغيّر شيئًا في يومك، ماذا سيكون؟"
كيف نصغي إلى طفلنا؟
- الإصغاء الكامل: نتجنّب حمل الهاتف أو أيّ انشغال آخر، ونعطي الطفل انتباهًا كاملًا.
- الاعتراف بالمشاعر: إذا قال إنّه حزين أو غاضب، لا نقلّل من شأن مشاعره، بل نعبّر عن تفهّمنا: "أفهم أنّك شعرت بالانزعاج عندما...".
- عدم الاستجواب: الحوار ليس تحقيقًا لذلك من الأفضل أن نسمح للطفل بأن يقود الحديث براحته.
- الصبر: قد لا يرغب الطفل في الكلام فورًا، لكن يمكن أن يتحدّث لاحقًا عند الاستحمام أو قبل النوم.
- التركيز على الدعم لا الحلول السريعة: أحيانًا لا يحتاج الطفل إلى حلول فورية، بل فقط إلى من يسمعه ويحتويه.
الحوار اليومي بعد المدرسة ليس روتينًا شكليًّا، بل مساحة أساسية لتقوية الرابط مع الطفل. من خلال الأسئلة الصحيحة والإصغاء المتفهّم، نساعده على مشاركة عالمه الداخلي، ونمنحه الأمان العاطفي الذي يحتاجه لينمو بثقة ويواجه تحدّيات يومه بطمأنينة.